ذِكْرُ النَّوْعِ الْخَامِسِ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَازَةِ وَهُوَ أَنْ يَأْتِيَ الطَّالِبُ إِلَى الرَّاوِي بِجُزْءٍ فَيَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ: أَهَذَا مِنْ حَدِيثِكَ؟ فَيَتَصَفَّحُ الرَّاوِي أَوْرَاقَهُ وَيَنْظُرُ فِيمَا تَضَمَّنَ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ نَعَمْ هُوَ مِنْ حَدِيثِي وَيَرُدُّهُ إِلَيْهِ أَوْ يَدْفَعُ إِلَيْهِ الرَّاوِي ابْتِدَاءً بَعْضَ أُصُولِهِ وَيَقُولُ لَهُ هَذَا مِنْ سَمَاعَاتِي فَيَذْهَبُ بِهِ الطَّالِبُ فَيُحَدِّثُ بِهِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَجِيزَ مِنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ لَهُ الرَّاوِي حَدِّثْ بِهِ عَنِّي فَهَذَا يَكُونُ صَحِيحًا عِنْدَ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَوْ فُعِلَ , غَيْرَ أَنَّا لَمْ نَرَ أَحَدًا فَعَلَهُ وَهَكَذَا لَوْ رَأَى الطَّالِبُ فِي يَدِ الرَّاوِي جُزْءًا يَنْظُرُ فِيهِ فَقَالَ لَهُ مَا فِي هَذَا؟ فَقَالَ لَهُ الرَّاوِي أَحَادِيثُ مِنْ سَمَاعِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِي فَاسْتَنْسَخَهُ الطَّالِبُ بَعْدُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الرَّاوِي ثُمَّ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لَهُ فِي ذَلِكَ فَهَذَا فِي الْحُكْمِ بِمَثَابَةِ الَّذِي قَبْلَهُ وَقَدْ مَثَّلَهُ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ بِرَجُلٍ جَاءَ إِلَى رَجُلٍ بِصَكٍّ فِيهِ ذِكْرُ حَقٍّ فَقَالَ لَهُ أَتَعْرِفُ هَذَا الصَّكَّ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ هَذَا الصَّكُّ دَيْنٌ عَلَيَّ لِفُلَانٍ مَا أَدَّيْتُهُ بَعْدُ أَوْ يَقُولُ لَهُ ابْتِدَاءً فِي هَذَا الصَّكِّ ذِكْرُ دَيْنٍ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ يَجِدُ فِي يَدِهِ صَكًّا يَقْرَؤُهُ فَيَقُولُ لَهُ مَا فِي هَذَا الصَّكِّ؟ فَيَقُولُ ذِكْرُ حَقٍّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا مَا أَدَّيْتُهُ بَعْدُ وَالْقَائِلُ مُجِدٌّ غَيْرُهَازِلٍ صَحِيحُ الْعَقْلِ ثُمَّ يَسْمَعُهُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ يُنْكِرُ ذَلِكَ الصَّكَّ فِي مُخَاصَمَتِهِ فُلَانًا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُنْكِرِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا فِي الصَّكِّ لِفُلَانٍ الْمَذْكُورِ دَيْنًا عَلَيْهِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَفِي نَحْوِ هَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمُ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» . فَإِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا سَمِعَ الْإِقْرَارَ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْمُقِرُّ فِي أَدَائِهِ وَالشَّهَادَاتُ آكَدُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فَلَأَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُقِرِّ بِمَا يَرْوِيهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ فِي ذَلِكَ أَوْلَى "