حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ الْفَارِسِيُّ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْخَزَّازُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَلَّابُ , قَالَ: " سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيَّ قُلْتُ: سَمِعْتُ كِتَابَ الْكَلْبِيِّ وَقَدْ تَقَطَّعَ عَلَيَّ , وَالَّذِي هُوَ عِنْدَهُ يُرِيدُ الْخُرُوجَ، فَكَيْفَ تَرَى لِي؟ تَرَى أَنْ أَسْتَجِيزَهُ أَوْ أَسْأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ إِلَيَّ؟ قَالَ: لَا , قُلْ لَهُ يَكْتُبُ بِهِ إِلَيْكَ فَتَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ فُلَانٌ، وَالْإِجَازَةُ لَيْسَ هِيَ شَيْئًا " قَالَ الْخَطِيبُ: " وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ الرِّوَايَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَعُدُّ الْإِجَازَةَ وَالْمُنَاوَلَةَ شَيْئًا , وَهَاهُنَا قَدِ اخْتَارَ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى إِجَازَةِ الْمُشَافَهَةِ , وَالْمُنَاوَلَةُ أَرْفَعُ مِنَ الْمُكَاتَبَةِ: لِأَنَّ الْمُنَاوَلَةَ إِذْنٌ وَمُشَافَهَةٌ فِي رِوَايَةٍ لِمُعَيَّنٍ , وَالْمُكَاتَبَةُ مُرَاسَلَةٌ بِذَلِكَ , فَأَحْسَبُ إِبْرَاهِيمَ رَجَعَ عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي أَسْلَفْنَاهُ عَنْهُ إِلَى مَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا مِنْ تَصْحِيحِ الْمُكَاتَبَةِ , وَأَمَّا اخْتِيَارُهُ لَهَا عَلَى إِجَازَةِ الْمُشَافَهَةِ فَإِنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ إِذَا لَمْ تَكُنْ لِلْمُسْتَجِيزِ بِمَا اسْتَجَازَهُ نُسْخَةٌ مَنْقُولَةٌ مِنْ أَصْلِ الْمُجِيزِ , وَلَا مُقَابَلَةٌ بِهِ , وَهَذَا الْقَوْلُ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ لِيَ الْبَرْقَانِيُّ عِنْدَ سُؤَالِي إِيَّاهُ عَنِ الْإِجَازَةِ الْمُطْلَقَةِ , وَنَرَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نُسْخَةٌ مَنْقُولَةٌ مِنَ الْأَصْلِ أَوْ مُقَابَلَةٌ بِهِ , لَيْسَتْ شَيْئًا , لِأَنَّ تَصْحِيحَ ذَلِكَ سَمَاعًا لِلرَّاوِي مُقَابَلًا بِأَصْلِ كِتَابِهِ , وَرُبَّمَا كَانَ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي الطَّالِبُ بِهِ مُتَعَذِّرٌ إِلَّا بَعْدَ الْمَشَقَّةِ , وَالْمُكَاتَبَةِ بِمَا يَرْوِي، إِنْفَاذُهُ إِلَى الطَّالِبِ أَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ , وَأَجْدَرُ بِالصِّحَّةِ , وَأَبْعَدُ مِنَ الْخَطَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015