هُوَ القَوْل الأول الَّذِي لَا يعبأ بِهِ
وَالْقسم الثَّالِث الَّذِي بَينا أَنه مُبَاح لَيْسَ للمرء وَلَا عَلَيْهِ فَهَذَا الَّذِي لَا يعبأ بِهِ شئيا فَإِنَّهُ قد فسر ذَلِك بقوله وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ جَزَاء خير وَلَا شَرّ وَذكر فِي الْكتاب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} أَن المُرَاد محو بعض الْأَسْمَاء من ديوَان الأشقياء وَالْإِثْبَات فِي ديوَان السُّعَدَاء ومحو بعض الْأَسْمَاء من ديوَان السُّعَدَاء والأثبات فِي ديوَان الأشقياء وَأهل التَّفْسِير رَحِمهم الله إِنَّمَا يروون هَذَا عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِن كنت قد كتبت أسماءنا فِي ديوَان الأشقياء فامحها من ديوَان الأشقياء وأثبتها فِي ديوَان السُّعَدَاء فَإنَّك قلت فِي كتابك وقولك الْحق {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} الْآيَة فَأَما ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَالرِّوَايَة الظَّاهِرَة عَنهُ أَن المحو وَالْإِثْبَات فِي كل شئ لَا فِي السَّعَادَة والشقاوة والحياة وَالْمَوْت وَمن الْفُقَهَاء رَحِمهم الله من أَخذ بالرواية الأولى فَقَالُوا إِنَّا نرى الْكَافِر يسلم وَالْمُسلم يرْتَد وَالصَّحِيح يمرض وَالْمَرِيض يبرأ فَكَذَا نقُول يجوز أَن يشقى السعيد ويسعد الشقي من غير أَن يتَغَيَّر علم الله فِي كل أحد و {لله الْأَمر من قبل وَمن بعد} {وَيفْعل الله مَا يَشَاء} {يحكم مَا يُرِيد} وعَلى ذَلِك حملُوا قَوْله تَعَالَى {فَمنهمْ شقي وَسَعِيد} وَأَكْثَرهم على أَن الصَّحِيح الرِّوَايَة الثَّانِيَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَإِنَّهُ أقرب إِلَى مُوَافقَة الحَدِيث الْمَشْهُور السعيد من سعد فِي بطن أمه والشقي من شقي فِي بطن أمه وَتَأْويل قَوْله تَعَالَى {يمحو الله مَا يَشَاء وَيثبت} يمحو مَا لَا يعبأ بِهِ من ديوَان العَبْد مِمَّا لَيْسَ