مَا للمعطي وَلَكِن هَذَا كُله يشكل برد السَّلَام فَإِن السَّلَام سنة ورد السَّلَام فَرِيضَة ثمَّ مَعَ ذَلِك كَانَت الْبِدَايَة بِالسَّلَامِ أفضل من الرَّد على مَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالسَّلَامِ للبادي عشرُون حَسَنَة وللراد عشر حَسَنَات وَرُبمَا يَقُولُونَ الْآخِذ يسْعَى فِي إحْيَاء النَّفس والمعطي يسْعَى فِي تحصين النَّفس أَو فِي إنماء المَال وإحياء النَّفس أَعلَى دَرَجَة من إنماء المَال وَحجَّتنَا فِي ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ الْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى من غير تَفْصِيل بَين التَّنَفُّل بِالْأَدَاءِ وَبَين إِقَامَة الْفَرْض فَإِن قيل المُرَاد بِالْيَدِ الْعليا يَد الْفَقِير لِأَنَّهَا نائبة عَن يَد الشَّرْع فَإِن الْمُتَصَدّق يَجْعَل مَاله لله تَعَالَى خَالِصا بِأَن يُخرجهُ من ملكه ثمَّ يَدْفَعهُ إِلَى الْفَقِير ليَكُون كِفَايَة لَهُ من الله تَعَالَى وَالْفَقِير يَنُوب عَن الشَّرْع فِي الْأَخْذ من الْغَنِيّ وَبَيَان هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يقبل التَّوْبَة عَن عباده} الْآيَة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن الصَّدَقَة تقع فِي يَد الرَّحْمَن فيربيها كَمَا يُربي أحدكُم فلوة حَتَّى تصير مثل أحد فَبِهَذَا تبين أَن المُرَاد بِالْيَدِ الْعليا يَد الْمُعْطِي وَلِأَن الْمُعْطِي يتَطَهَّر من الدنس