يحِق عَلَيْهِ إحْيَاء نفس أُخْرَى بِمَا يقدر عَلَيْهِ وَلَا يحل لَهُ اكْتِسَاب سَبَب إتلافها فَفِي نَفسه أولى
وَقد قَالَ بعض المتقشفة لَو امْتنع من الْأكل حَتَّى مَاتَ لم يكن آثِما لِأَن النَّفس أَمارَة بالسوء كَمَا وصفهَا الله تَعَالَى بِهِ وَهِي عَدو الْمَرْء قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعدى عَدو الْمَرْء بَين جَنْبَيْهِ يَعْنِي نَفسه وللمرء أَن لَا يُربي عدوه فَكيف يصير آثِما بالامتناع عَن تَرْبِيَته وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أفضل الْجِهَاد جِهَاد النَّفس وتجويع النَّفس مجاهدة مَعهَا فَلَا يجوز أَن يَجْعَل بِهِ آثِما
وَلَكنَّا نقُول مجاهدة النَّفس فِي حملهَا على الْعِبَادَات وَفِي التجويع إِلَى هَذَا الْحَال تَفْوِيت الْعِبَادَة لَا حمل النَّفس على أَدَاء الْعِبَادَات وَقد بَينا أَن النَّفس متحملة بأمانات الله تَعَالَى فَإِن الله تَعَالَى خلقهَا معصومة لتؤدي الْأَمَانَة الَّتِي تحملهَا وَلَا يتَوَصَّل إِلَى ذَلِك إِلَّا بِالْأَكْلِ عِنْد الْحَاجة وَمَا لَا يتَوَصَّل إِلَى إِقَامَة الْمُسْتَحق إِلَّا بِهِ فَيكون مُسْتَحقّا
فَأَما الشَّاب الَّذِي يخَاف على نَفسه من الشبق والوقوع فِي الْعَنَت فَلَا بَأْس بِأَن يمْتَنع من الْأكل وتكسر شَهْوَته فتجويع النَّفس على وَجه لَا يعجز عَن أَدَاء الْعِبَادَات لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَا معشر الشَّبَاب عَلَيْكُم