الْعرق مَا لَا ينشفه الخشن فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى ذَلِك فِي زمَان الصَّيف فَإِن لبس اللين فِي الشتَاء والصيف فَذَلِك وَاسع لَهُ أَيْضا إِذا كَانَ اكْتَسبهُ من حلّه لقَوْله تَعَالَى {قل من حرم زِينَة الله} الْآيَة
وكما ينْدب إِلَى مَا بَينا فِي طَعَام نَفسه وَكسوته فَكَذَلِك فِي طَعَام عِيَاله وكسوتهم لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِم بِالْمَعْرُوفِ وَالْمَعْرُوف مَا يكون دون السَّرف وَفَوق التقتير حَتَّى قَالُوا لَا يَنْبَغِي أَن يتَكَلَّف لتَحْصِيل جَمِيع شهوات عِيَاله وَلَا أَن يمْنَعهَا جَمِيع شهواتها وَلَكِن إنفاقها بَين ذَلِك فَإِن خير الْأُمُور أوساطها
وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَن يستديم الشِّبَع من الطَّعَام فَإِن الأولى مَا اخْتَارَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَينه فِي قَوْله أجوع يَوْمًا وَأَشْبع يَوْمًا وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تبْكي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قبض وَتقول يامن اخْتَار الْحَصِير على السرير يامن لم ينم بِاللَّيْلِ من خوف السعير يامن لم يلبس الْحَرِير وَلم يشْبع من خبز الشّعير وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تَقول رُبمَا يَأْتِي علينا الشَّهْر أَو أَكثر لَا يُوقد فِي بُيُوتنَا نَار وَإِنَّمَا هما الأسودان المَاء وَالتَّمْر وَقد روينَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أطول النَّاس جوعا يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَرهم شبعا فِي الدُّنْيَا فَلهَذَا كَانَ التَّحَرُّز عَن اسْتِدَامَة الشِّبَع فِي جَمِيع الْأَوْقَات أولى
قَالَ وَلَيْسَ على الرجل أَن يدع الْأكل حَتَّى يصير بِحَيْثُ لَا ينْتَفع بِنَفسِهِ يَعْنِي حَتَّى يَنْتَهِي بِهِ الْجُوع إِلَى حَال يضرّهُ وَيفْسد بِهِ معدته بِأَن