قَالَ وَمن فعل شَيْئا مِمَّا ذكرنَا فَهُوَ مَأْمُور بإتمامه لقَوْله تَعَالَى {وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نقضت غزلها} الْآيَة وَهَذَا مثل ذكره الله تَعَالَى لمن ابْتَدَأَ طَاعَة ثمَّ لم يُتمهَا كَالْمَرْأَةِ الَّتِي تغزل ثمَّ تنقض فَلَا تكون ذَات غزل وَلَا ذَات قطن وَمن امْتنع من الْأكل وَالشرب والاستكنان حَتَّى مَاتَ وَجب عَلَيْهِ دُخُول النَّار لِأَنَّهُ قتل نَفسه قصدا فَكَأَنَّهُ قَتلهَا بحديدة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل نَفسه بحديدة فحديدته فِي يَده يجَأ بهَا نَفسه فِي نَار جَهَنَّم ثمَّ تَأْوِيل اللَّفْظ الَّذِي ذكره من وَجْهَيْن
أَحدهمَا أَنه ذكره على سَبِيل التهديد وأضمر فِي كَلَامه معنى صَحِيحا وَهُوَ أَنه أَرَادَ الدُّخُول الَّذِي هُوَ تَحِلَّة الْقسم قَالَ الله تَعَالَى {وَإِن مِنْكُم إِلَّا واردها} الْآيَة وَالْمرَاد داخلها عِنْد أهل السّنة وَالْجَمَاعَة
وَالثَّانِي أَن المُرَاد بَيَانه جَزَاء فعله يَعْنِي أَن جَزَاء فعله دُخُول النَّار وَلَكِن فِي مَشِيئَة الله تَعَالَى إِن شَاءَ عَفا عَنهُ بفضله وَإِن شَاءَ أدخلهُ النَّار بعدله وَهَذَا نَظِير مَا قيل فِي بَيَان قَوْله {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا} أَن هَذَا جَزَاؤُهُ إِن جازاه الله تَعَالَى بِهِ وَلكنه عَفْو كريم يتفضل بِالْعَفو وَلَا يخلد أحدا من الْمُؤمنِينَ فِي نَار جَهَنَّم
وَقَالَ وكل أحد مَنْهِيّ عَن إِفْسَاد الطَّعَام وَفِي الافساد الْإِسْرَاف وَلِهَذَا لما رُوِيَ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن القيل والقال وَعَن كَثْرَة