بِالنِّيَّاتِ وَلكُل امْرِئ مَا نوى فَإِذا نوى الْعَامِل بِعَمَلِهِ التَّمَكُّن من إِقَامَة الطَّاعَة أَو تَمْكِين أَخِيه من ذَلِك كَانَ مثابا على عمله بِاعْتِبَار نِيَّته بِمَنْزِلَة المتناكحين اذا قصدا بفعلهما ابْتِغَاء الْوَلَد وتكثير عباد الله تَعَالَى وَأمة الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ لَهما الثَّوَاب على عملهما وَإِن كَانَ ذَلِك الْفِعْل لقَضَاء الشَّهْوَة فِي الأَصْل وَلَكِن بِالنِّيَّةِ يصير معنى الْقرْبَة أصلا وَمعنى قَضَاء الشَّهْوَة تبعا فَلهَذَا مثله
قَالَ فَإِن تركُوا الْأكل وَالشرب فقد عصوا لِأَن فِيهِ تلفا يَعْنِي أَن النَّفس لما كَانَت لَا تبقى عَادَة بِدُونِ الْأكل وَالشرب فالممتنع من ذَلِك قَاتل نَفسه وَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} وَهُوَ معرض نَفسه للهلاك وَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَبعد التَّنَاوُل بِقدر مَا يسد بِهِ رمقه ينْدب إِلَى أَن يتَنَاوَل مِقْدَار مَا يتقوى بِهِ على الطَّاعَة إِن لم يتَنَاوَل يضعف وَرُبمَا يعجز عَن الطَّاعَة وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُؤمن الْقوي أحب الى الله من الْمُؤمن الضَّعِيف وَفِي كل خير لِأَن اكْتِسَاب مَا يتقوى بِهِ على الطَّاعَة يكون طَاعَة وَهُوَ مَنْدُوب إِلَى الْإِتْيَان يكون طَاعَة بِمَا هُوَ طَاعَة وَإِلَيْهِ أَشَارَ أَبُو ذَر رَضِي الله عَنهُ حِين سُئِلَ عَن أفضل الْأَعْمَال فَقَالَ الصَّلَاة وَأكل الْخبز وَقد نقل عَن مَسْرُوق رَحمَه الله وَغَيره أَن من اضْطر فَلم يَأْكُل فَمَاتَ دخل النَّار وَالْمرَاد تنَاول الْميتَة