لَهُ دَوَاء إِلَّا السام أَو قَالَ الْهَرم وَقد فعل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد حِين داوى مَا أَصَابَهُ من الْجراحَة فِي وَجهه
ثمَّ إِن اكْتِسَاب الْكسْب بالمداواة لَا يَنْفِي التيقن بِأَن الله تَعَالَى هُوَ الشافي فَكَذَا اكْتِسَاب سَبَب الرزق بالتحرك لَا يَنْفِي التيقن بِأَن الله تَعَالَى هُوَ الرازق
وَالْعجب من الصُّوفِيَّة أَنهم لَا يمتنعون من تنَاول طَعَام من أطْعمهُم من كسب يَده وَربح تِجَارَته مَعَ علمهمْ بذلك فَلَو كَانَ الِاكْتِسَاب حَرَامًا لَكَانَ المَال الْحَاصِل بِهِ حرَام التَّنَاوُل لِأَن مَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ بارتكاب الْحَرَام يكون حَرَامًا أَلا ترى أَن بيع الْخمر للْمُسلمِ لما كَانَ حَرَامًا كَانَ تنَاول ثمنهَا حَرَامًا وَحَيْثُ لم يمْتَنع أحد مِنْهُم من التَّنَاوُل عرفنَا أَن قَوْلهم من نتيجة الْجَهْل والكسل
ثمَّ الْمَذْهَب عِنْد جُمْهُور الْفُقَهَاء رَحِمهم الله من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة أَن الْكسْب بِقدر مَالا بُد مِنْهُ فَرِيضَة
وَقَالَت الكرامية بل هُوَ مُبَاح بطرِيق الرُّخْصَة لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون فرضا فِي كل وَقت أَو فِي وَقت مَخْصُوص
وَالْأول بَاطِل لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى أَن لَا يتفرغ أحد عَن أَدَاء هَذِه الْفَرِيضَة ليشتغل بغَيْرهَا من الْفَرَائِض والواجبات