الظلم البيِّن ألزامُ المصريين وغير المصربين من متكلمي اللهجات العربية الحديثة بمعالجة التعرف بتلك اللهجات القديمة التي ماج بعضُها في بعض فانعجنتْ، ولو فُرض المستحيلُ وأَمكن عزلُ أيةِ واحدةٍ منها لكانت دراستُها بسبب قدمها أَشق من تعلم عدة لغات أَجنبية حية، كل منها يعين الإنسانَ في عمره القصير على مسايرة العالَم في هذه الحياة الدنيا.
في كل سنة نسمع صيحة مدوية يصخُّ البعض بها معلمي اللغة العربية بالمدارس، متهما إياهم. بالقصور أَو التقصير في تلقيق التلاميذ. والحق الذى لا مِرْيَةَ فيه أَن هؤلاء المعلمين المساكين براء من هذه التهمة يراءَة الذبب من دم ابن يعقوب، فإن العيب إِنما هو عيب اللغة التي ليس لها فى مفرداتها وقواعدها أول يُعرفُ ولا آخر يُوصف، والتي لها في أدائها جرس ولوكة بضريان صماخ أذن الطفل لبعد ما بينهما، وبين لهجة أمه، فينفر منها ومن المعلم نفور الطير رَوَّعْتَهُ والظبى باغَتَّهُ".
أذن فالأمرُ واضح، ليس الأمرُ أمر تيسير الكتابة العربية حتى تمثل النطقَ بها تمثيلاً صحيحاً، طاعةً لأمر تعبدى نَصَّتْ عليه لائحةُ المجمع اللغويّ، ولقرار خاص من وزير المعارف تجب طاعتهُ وتنفيذه، لأن "مورد النص لا مساغ للاحتهاد فيه" كما قال صاحب المعالي في كتابه (ص 36)!! ولكن الأمرَ أَخطرُ من ذلك وأبعدُ أثرا. الأمرُ أن لهذه اللغة "جرسا ولوكة بضربان صماخ أذن الطفل" فيجب أن نغيِّرَ هذا،