حتى نشر المجمعُ اللغوي نص اقتراحه، فإذا البراهين فيه على ما ظننتُ واضحة بينة تَتْرَى، آخذٌ بعضها برؤوس بعض، وإذا الناسُ يتناولونه بأقلامهم من كل جانب. والباشا يصرخُ ههنا وههنا ويستغيثُ ولغة العرب منصورة سائرة قدُماً في طريقها، لا تُحِسُ ولا تشعر، وإذا اقتراحُه يموتُ فلا يُرثَى له، وإِن جامله المجمعُ اللغويُّ فلم يرفضه أولَ ما قُدِّم اليه.
ولو سكت الرجلُ بعد ذلك لكان خيرا له وأَقوم، ولنسيه الناسُ ونسوا ما قدَّمَ. ولكنه أَخذته العزة بالإثم، فأخرج في أَواخر رمضان من هذا العام (1363 - أغسطس سنة 1944) كتاباً يرد على ناقديه، ويأخذ أعراضَهم بقلمه الثائر العنيف، وأَدلتِه المتهافتة المستنكرة، حتي لو كان لاقتراحه موضع آخرُ للسقوط لَبَلغهُ.
وما بي أن أدافع عمن رد عليهم في كتابه، قكثير منهم أعرفُ باللغة العربية، وبأدب العرب، وأقدرُ على الكتابة، من الباشا ومن كل أتباعه وأنصاره ومجامليه.
ولكني أَردتُ أن أكشف عن مقصده الحقيقي باقتراحه، من كلامه وألفاظه. وأن أنْقدَ بعض ما عرضْ له من مسائل في العلم، ظهر أنه لا يعرف فيها شيئاً، عرَض لها عرضا عجيبا، لو تركه سَتَر نفسه.