وتحقق القاعدة الجليلة الدقيقة، التي لم يحققها أحد من العلماء المتقدمين، فيما نعلم، إلا أن القرافي أشار إليها موجزة في الفرق السادس والثلاثين من (كتاب الفروق) (ج1 ص:249 - 252 طبعة تونس) وهي الفرق بين تصرف رسول الله بالفتوى والتبليغ، وبين تصرفه بالإمامة، وبين تصرفه بالقضاء. وهو بحث أساسي لدرس الأحاديث والاستدلال بها درساً صحيحاً، فيفرق به بين الأحاديث التي لها صفة العموم والتشريع، وبين الأحاديث التي جاءت عن رسول الله تصرفاً منه بالإمامة، فليست لها صفة العموم والتشريع، بل المرجع في أمثالها إلى ما يأمر به الإمام من المصالح العامة، وبين الأحاديث في أقضية جزئية، تصرفاً منه صلى الله عليه وسلم بالقضاء، فيكون الحديث عن قضية بعينها، يستنبط منه ما يسمى في عصرنا (المبدأ القضائي).
وقد حققت مثالا من مثل هذه القاعدة العظيمة في شرحي على (كتاب الرسالة) للإمام الشافعي ص: 240 - 242.
وأجلّ عمل وأعظمه أثراً أن تحقق اللجنة باب (تعارض الأدلة والترجيح بينها) فذلك هو علم الأصول على الحقيقة، وذلك هو ميدان الاجتهاد، وذلك هو أساس الفقه والاستنباط.
فإذا تم هذا، ووحدت القواعد التي يبنى عليها الاستدلال والاستنباط،