من أن يستأثر بالتشريع والإفتاء، فيحدوا بالأمة ويعدل بها عن سواء الصراط. ذلك أنهم أفهموا وعلموا أن مسائل التشريع ليست من الدين، وظنوا أن الدين الإسلامي كغيره من الأديان، وأن تعرض العلماء والفقهاء لهذه المسائل تعرض لما لا يعنيهم، وعصبية للاحتفاظ بسلطانهم، شبهوهم بالقسس في أوربة، وغلبت عليهم مبادئ الثورة الفرنسية في محاربة الكنيسة، فاندفعوا في عصبيتهم ضد شريعتهم ودينهم، وأبوا أن يسمعوا قولاً لقائل، أو نصحاً لناصح. وذهبوا يضعون القوانين للمسلمين، على غرار القوانين التي وضعت لغيرهم، بأنها توافق مبادئ التشريع الحديث!!
وابتلي فريق منا بهذا التشريع الحديث، فذهبوا يلعبون بدينهم، فيما عرفوا وما لم يعرفوا، فأحلوا وحرموا، وأنكروا وأقروا، واضطربوا وترددوا، وكثير منهم يؤمن بالإسلام، ويحرص على التمسك به، ولكنه أخطأ الطريق، بما أُشرب في قلبه من مبادئ التشريع الحديث. واندفع العامة والدهماء وراءهم، يقلدون سادتهم وكبراءهم، ويتبعون خطواتهم. ومرج أمر الناس واضطربوا، حتى إنهم ليحاولون علاج أمراضهم النفسية والاجتماعية بمبادئ التشريع الحديث. وبين أيديهم كتاب الله: (مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى