وكذلك صار لم آتك بمنزلة لفظهم بلم يكن إتيانٌ، لأن المعنى واحد.
واعلم أن ما ينتصب في باب الفاء قد ينتصب على غير معنىً واحدٍ، وكل ذلك على إضمار أن، إلا أن المعاني مختلفةٌ، كما أن يعلم الله يرتفع كما يرتفع يذهب زيدٌ، وعلم الله ينتصب كما ينتصب ذهب زيدٌ، وفيهما معنى اليمين.
فالنصب ههنا في التمثيل كأنك قلت: لم يكن إتيانٌ فإن تحدث والمعنى على غير ذلك، كما أن معنى علم الله لأفعلن غير معنى رزق الله. فأن تحدث في اللفظ مرفوعةٌ بيكن؛ لأنّ المعنى: بم يكن إتيان فيكون حديث.
وتقول: ما نأتيني فتحدثني، فالنصب على وجهين من المعاني: أحدهما: ما تأتيني فكيف تحدثني، أي لو أتيتني لحدثتني.
وأما الآخر: فما تأتيني أبداً إلا لم تحدثني، أي منك إتيانٌ كثيرٌ ولا حديثٌ منك.
وإن شئت أشركت بين الأول والآخر، فدخل الآخر فيما دخل فيه الأول فتقول: ما تأتيني فتحدثني كأنك قلت: ما تأتيني وما تحدثني.
فمثل النصب قوله عز وجل: " لا يقضى عليهم فيموتوا ". ومثل الرفع قوله عز وجل: " هذا يوم لا ينطقون. ولا يؤذن لهم فيعتذرون ".