دليلٌ على انقطاع السير كما يكون في النصب، يعني إذا احتقر السير، لأنك لا تجعله سيراً يؤدي الدخول وأنت تستصغره، وهذا قول الخليل.
وتقول: كان سيرى أمس حتى أدخلها ليس إلا، لأنك لو قلت: كان سيرى أمس فإذا أنا أدخلها لم يجز، لأنك لم تجعل لكان خبراً.
وتقول: كان سيرى أمس سيراً متعباً حتى أدخلها، لأنك تقول: ههنا فأدخلها وفإذا أنا أدخلها، لأنك جئت لكان بخبرٍ، وهو قولك: سيراً متعباً.
واعلم أن ما بعد حتى لا يشرك الفعل الذي قبل حتى في موضعه كشركة الفعل الآخر الأوّل إذا قلت: لم أجئ فأقل، ولو كان ذلك لاستحال كان سيرى أمس شديداً حتّى أدخل، ولكنها تجئ كما تجئ ما بعد إذا وبعد حروف الابتداء.
وكذلك هي أيضاً بعد الفاء إذا قلت: ما أحسن ما سرت فأدخلها؛ لأنها منفصلة يعني الفاء؛ فإنما عنينا بقولنا الآخر متصلٌ بالأول أنهما وقعا فيما مضى، كما أنه إذا قال:
فإنَّ المُنَدَّى رِحْلَةٌ فرُكُوب
فإنما يعني أنهما وقعا في الماضي من الأزمنة، وأن الآخر كان مع فراغه من الأول.