ومن ذلك أيضاً ائتني بعد ما تفرغ، فما وتفرغ بمنزلة الفراغ، وتفرغ صلةٌ، وهي مبتدأة، وهي بمنزلتها في الذي إذا قلت بعد الذي تفرغ، فتفرغ في موضع مبتدإ لأنّ الذي لا يعمل في شئ، والأسماء بعده مبتدأةٌ.
ومن زعم أن الأفعال ترتفع بالابتداء فإنه ينبغي له أن ينصبها إذا كانت في موضعٍ ينتصب فيه الاسم، ويجرها إذا كانت في موضعٍ ينجر فيه الاسم؛ ولكنها ترتفع بكينونتها في موضع الاسم.
ومن ذلك أيضاً: كدت أفعل ذاك وكدت تفرغ، فكدت فعلت وفعلت لا ينصب الأفعال ولا يجزمها وأفعل ههنا بمنزلة في كنت، إلا أن الأسماء لا تستعمل في كدت وما أشبهها.
ومثل ذلك: عسى يفعل ذاك، فصارت كدت ونحوها بمنزلة كنت عندهم، كأنك قلت: كدت فاعلاً، ثم وضعت أفعل في موضع فاعلٍ. ونظير هذا في العربية كثيرٌ، وستراه إن شاء الله تعالى. ألا ترى أنك تقول: بلغني أن زيداً جاء، فأن زيداً جاء كله اسمٌ. وتقول: لو أن زيداً جاء لكان كذا وكذا، فمعناه: لو مجيء زيدٍ، ولا يقال لو مجيء زيد.