الكتاب لسيبويه (صفحة 468)

ويدلك على أنه ليس بمنزلة خيرٌ منه أبوه، أن الهاء التي تكون في مِن، هي الكحلُ والشر، كما أن الإضمار الذي في عمله وبُغّض، هو الكحل والشر.

ومما يدلك على أنه على أوله ينبغي أن يكون، أن الابتداء فيه مُحال: أنك لو قلت: أبغضُ إليه منه الشرُّ لم يجز، ولو قلت: خيرٌ منه أبوه جاز.

ومثل ذلك: ما من أيامٍ أحبَّ إلى الله عز وجل فيها الصومُ منه في عشرِ ذى الحجة.

وإن شئت قلت: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه، وما رأيت رجلا أبغضَ إليه الشر منه، وما من أيامٍ أحبَّ إلى الله فيها الصومُ من عشر ذى الحجة؛ فإنما المعنى الأول، إلا أن الهاء هنا الاسم الأول، ولا تخبر أنك فضلت الكحلَ عليه ولا أنك فضلت الصوم على الأيام، ولكنك فضلت بعضَ الأيام على بعضٍ. والهاء في الأول هو الكحل، وإنما فضلته في هذا الموضع على نفسه في غير هذا الموضع، ولم ترد أن تجعله خيراً من نفسه البتة. قال الشاعر، وهو سُحيمُ بن وَثيل:

مررتُ على وادى السِّباعِ ولا أَرى ... كوادى السِّباع حين يُظلمُ وادِياَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015