الكتاب لسيبويه (صفحة 465)

برجلٍ أسد أبوه، إذا كنت تريد أن تجعله شديدا، ومررت برجل مثل الأسد أبوه، إذا كنتَ تشبهه.

فإن قلت: مررت بدابة أسدٌ أبوها فهو رفعٌ، لأنك إنما تخبر أن أباها هذا السبع. فإن قلت: مررتُ برجل أسدٌ أبوه على هذا المعنى رفعتَ، إلا أنك لا تجعل أباه خَلقُه كخِلقة الأسد ولا صورته. هذا لا يكون، ولكنه يجيء كالمثل.

ومن قال: مررت برجلٍ أسد أبوه قال: مررت برجل مائةٍ ابله. وزعم يونس أنه لم يسمعه من ثقة ولكنهم يقولون: هو نارٌ حُمرةً، لأنهم قد يبنون الأسماء على المبتدأ ولا يصفون بها؛ فالرفعُ فيه الوجه، والرفع فيه أحسنُ وإن كنتَ تريد معنى أنه مبالغٌ في الشدة، لأنه ليس بوصف.

ومثل ذلك: مررت برجلٍ رجل أبوه، إذا أردتَ معنى أنه كامل. وجره كجر الأسد. وقد تقوله على غير هذا المعنى، تقول: مررت برجل رجلٌ أبوه، تريد رجلا واحدا لا أكثر من ذلك.

وقد يجوز على هذا الحد أن تقول: مررت برجل حسنٌ أبوه. وهو فيه أبعد، لأنه صفة مشبهة بالفاعل. وإن وصفته فقلت: مررت برجل حسنٌ ظريفٌ أبوه فالرفع فيه الوجه والحد، والجر فيه قبيح، لأنه يفصل بوصف بينه وبين العامل. ألا ترى أنك لو قلت مررتُ بضاربٍ ظريفٍ زيدا، وهذا ضاربٌ عاقلٌ أباه كان قبيحا، لأنه وصفه فجعل حاله كحال الأسماء، لأنك إنما تبتدئ بالاسم ثم تصفه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015