الكتاب لسيبويه (صفحة 439)

ولو ابتَدأتَ كلاماً فقلتَ: ما مررتُ برجلٍ ولكنْ حِمارٌ، تريد: ولكنْ هو حمارٌ، كان عربيَّا؛ أو بلْ حمارٌ، أو لا بل حمارٌ، كان كذلك، كأنّه قال: ولكنِ الذى مررتُ به حمارٌ.

وإذا كان قبل ذلك منعوتٌ فأَضمرتَه، أو اسم فأضمرتَه أو أَظهرتَه، فهو أَقْوَى؛ لأنك تُضْمرُ ما ذكرتَ وأنت هنا تُضْمرُ ما لم تَذكر. وهو جائزٌ عربي، لأن معناه ما مررت بشيء هو رجل؛ فجاز هذا كما جاز المنعوتُ المذكورُ نحُو قولك: " ما " مررتُ برجلٍ صالحٍ بل طالحٌ.

ومثل ذلك قوله عزّ وجلّ: " وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون ". فهذا على أنَّهم قد كانوا ذكروا الملائكةَ قبل ذلك بهذا، وعلى الوجه الآخرِ. والمعرفةُ والنكرة فى لكنْ وبَلْ ولا بلْ سَواءٌ.

ومن المبدَلِ أيضاً قولك: قد مررتُ برجلٍ أو امرأَةٍ، إنَّما ابتَدأَ بيقينٍ ثمّ جعل مكانَه شكّا أَبدلَه منه، فصار الأوّلُ والآخِرُ الادَّعاءُ فيهما سَواءٌ، فهذا شبيهٌ بقوله: ما مررت بزيد ولكن عمرو، ابتدأ بنفىٍ ثم أَبدل مكانَه يقينًا.

وأمّا قولهم: أَمررتَ برجل أَمِ امرأةٍ؟ إذا أردتَ معنى أيُّهما مررتَ به، فإِنَّ أَمْ تُشْرِك بينهما كما أَشركتْ بينهما أَوْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015