وكذلك السين لم تجد حرفاً أقرب إلى التاء في المخرج والهمس حيث أرادوا التخفيف، منها.
وإنما فعلوا هذا لأن التضعيف مستثقل في كلامهم.
وفيها قولٌ أخر أن يكون استفعل، فحذف التاء للتضعيف من استتخذ كما حذفوا لام ظلت.
وقال بعضهم في يستطيع: يستيع. فإن شئت قلت: حذف الطاء كما حذف لام ظلت، وتركوا الزيادة كما تركوها في تقيت. وإن شئت قلت: أبدلوا التاء مكان الطاء، ليكون ما بعد السين مهموساً مثلها، كما قالوا: ازدان، ليكن ما بعده مجهوراً، فأبدلوا من موضعها أشبه الحروف بالسين، فأبدلوها مكانها كما تبدل هي مكانها في الإطباق.
ومن الشاذ قولهم في بني العنبر وبني الحارث: بلعنبر وبلحارث، بحذف النون.
وكذلك يفعلون بكل قبيلةٍ تظهر فيها لام المعرفة.
فأما إذا لم تظهر اللام فيها فلا يكون ذلك، لأنها لما كانت مما كثر في كلامهم، وكانت اللام والنون قريبتي المخارج، حذفوها وشبهوها بمست، لأنهما حرفان متقاربان، ولم يصلوا إلى الإدغام كما لم يصلوا في مسست لسكون اللام. وهذا أبعد، لأنه اجتمع فيه أنه منفصل وأنه ساكن لا يتصرف تصرف الفعل حين تدركه الحركة.