الكتاب لسيبويه (صفحة 1980)

والدليل على ذلك أنك لو جافيت بين حنكيك فبالغت ثم قلت: قق قق، لم تر ذلك مخلاً بالقاف. ولو فعلته بالكاف وما بعدها من حروف اللسان أخل ذلك بهن. فهذا يدلك على أن معتمدها على الحنك الأعلى. فلما كانت كذلك أبدلوا من موضع السين أشبه الحروف بالقاف، ليكون العمل من وجهٍ واحد، وهي الصاد، لأن الصاد تصعد إلى الحنك الأعلى للإطباق، فشبهوا هذا بإبدالهم الطاء في مصطبرٍ الدال في مزدجرٍ، ولم يبالوا ما بين السين والقاف من الحواجز؛ وذلك لأنها قلبتها على بعد المخرجين. فكما لم يبالوا بعد المخرجين لم يبالوا ما بينهما من الحروف، إذا كانت تقوى عليها والمخرجان متفاوتان.

ومثل ذلك قولهم: هذه حلبلابٌ. فلم يبالوا ما بينهما، وجعلوه بمنزلة عالم. وإنما فعلوا هذا لأن الألف قد تمال في غير الكسر نحو: صار وطار وغزا وأشباه ذلك. فكذلك القاف لما قويت على البعد لم يبالوا الحاجز.

والخاء والغين بمنزلة القاف، وهما من حروف الحلق بمنزلة القاف من حروف الفم، وقربهما من الفم كقرب القاف من الحلق، وذلك نحو: صالغ في سالغ، وصلخ في سلخ. فإذا قلت زقا أو زلق لم تغيرها، لأنها حرف مجهور، ولا تتصعد كما تصعدت الصاد من السين، وهي مهموسة مثلها، فلم يبلغوا هذا إذ كان الأعرب الأكثر الأجود في كلامهم ترك السين على حالها. وإنما يقولها من العرب بنو العنبر. وقالوا صاطعٌ في ساطعٍ، لأنها في التصعد مثل القاف، وهي أولى بذا من القاف، لقرب المخرجين والإطباق.

ولا يكون هذا في التاء إذا قلت نتق، ولا في الثاء إذا قلت ثقب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015