الحروف إنما هي شديدٌ ورخوٌ، لسن في السمع كهذه الحروف لخفائها. ولو اعتبرت ذلك وجدته هكذا. فامتنعت كما امتنعت الراء أن تدغم في اللام والنون للتكرير.
وقد تدغم الطاء والتاء والدال في الضاد، لأنها اتصلت بمخرج اللام وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصول ما اللام فوقه من الأسنان، ولم تقع من الثنية موضع الطاء لانحرافها، لأنك تضع للطاء لسانك بين الثنيتين، وهي مع ذا مطبقة، فلما قاربت الطاء فيما ذكرت لك أدغموها فيها كما أدغموها في الصاد وأختيها، فلما صارت بتلك المنزلة أدغموا فيها التاء والدال، كما أدغموها في الصاد لأنهما من موضعها، وذلك قولك: اضبضرمة، وانعضرمة.
وسمعنا من يوثق بعربيته قال:
ثَار فضَجّضَّجّةً رَكائِبُهْ
فأدغم التاء في الضاد.
وكذلك الظاء والذال والثاء، لأنهن من حروف طرف اللسان والثنايا، يدغمن في الطاء وأخواتها، ويدغمن أيضاً جميعاً في الصاد والسين والزاي، وهن من حيزٍ واحد، وهن بعد في الإطباق والرخاوة كالضاد، فصارت بمنزلة حروف الثنايا. وذلك: احفضرمة، وخضرمة، وابعضرمة.