كان، و {غَلِيظَ الْقَلْبِ}: خبر بعد خبر. وقد جوز أن يكون بدلًا؛ لأن الفظاظة: الغلظ، والفَظُّ: الجافي، وأصله: فظِظٌ كحَذِرٌ، فأُدغم، يقال: فظِظْتَ يا رجلُ تَفَظُّ، بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، فظاظةً.
والغليظ القلب: القاسي القلب، أي: ولو كنت جافيًا قاسيًا لتفرقوا عنك. والفضُّ: الكَسْرُ بالتفرقة، ومنه: فَضَضْتُ خَتْمَ الكتابِ (?).
وقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} أي: استخرج آراءهم، واعلم ما عندهم. والمشاورة في اللغة: أن تُظهر ما عندك وما عند صاحبك، مأخوذ من شِرْتُ الدابةَ. وشوَّرته، إذا استخرجتَ جَرْيَهُ (?)، وعلمتَ خَبَره. يقال: شاورت مشاورة وشِوارًا، والاسم: المَشُورَةُ.
قيل: والأمر هنا جنس، وهو عام يراد به الخاص، تعضده قراءة من قرأ: (وشاورهم في بعض الأمر) وهو ابن عباس - رضي الله عنهما - (?).
وقوله: {فَإِذَا عَزَمْتَ}. أي: فإذا قطعت الرأي على شيء بعد الشورى، يقال: عزمت على كذا عَزْمًا وعُزْمًا بالضم، وعَزيمةً وعَزيمًا، إذا أردت فعله وقطعت عليه.
وقرئ: (فإذا عزمتُ) بضم التاء (?)، على إسناد الفعل إلى الله تعالى، إذ ذاك بهدايته وتوفيقه، كما قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} (?)، أي: فإذا عزمتُ لك على شيء وأرشدتُك إليه فتوكل عليَّ واعمل به ولا تشاور بعده أحدًا. ثم وُضع الظاهرُ موضعَ المضمَر للتفخيم والتعظيم، وهو كثير شائع في كلام القوم.