قوله عز وجل: {وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً} أي: علة مانعة من البِرِّ (?)، يقال: جَعلتُ فلانًا عُرْضَةً لكذا، أي: نَصبْتُه له (?).
{أَنْ تَبَرُّوا}: يحتمل أن يكون في موضع نصب، إما لكونه مفعولًا له، أي: مخافة أن تبروا، وإما لعدم الجار وهو (في) أو (اللام)، أي: في أن تبروا، أو لأن تبروا، فلما حذف الجار وصل الفعل إليه وهو {وَلَا تَجْعَلُوا} فنصبه، أو في موضع جر على إرادة الجار على الخلاف المشهور.
وأن يكون في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي: أن تبروا وتتقوا وتصلحوا خير لكم، أو: أَولى لكم، ثم حُذف الخبر للعلم به (?).
وقيل: {أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا} عطف بيان {لِأَيْمَانِكُمْ}، أي: للأمور المحلوف عليها التي هي البر والتقوى والإصلاح بين الناس (?).
و{بَيْنَ}: ظرف للإصلاح.
وقد جُوِّزَ أن تكون اللام في {لِأَيْمَانِكُمْ} متعلقة بقوله: {وَلَا تَجْعَلُوا} أي: ولا تجعلوا الله لأيمانكم عرضة، وأن تكون متعلقة بـ {عُرْضَةً} لما فيها من معنى الفعل، وهو الاعتراض، أي: لا تجعلوه شيئًا يعترض البر، من اعترض كذا. وأن تكون للتعليل، ويتعلق {أَنْ تَبَرُّوا} بالفعل، أو بالعُرْضَة، أي: ولا تجعلوا الله لأجل أيمانكم به عرضة لأن تبروا، ومعناها على الأخرى. ولا تجعلوا الله مُعَرَّضًا لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به، فاعرفه فإنه من كلام الزمخشري (?).