وتنصب {وَالصَّابِرِينَ} لأبي على هذين الوجهين على الاختصاص والمدح، إظهارًا لفضل الصبر في الشدائد ومواضع القتال على سائر الأعمال، ولا يجوز أن يكون عطفًا على {ذَوِي الْقُرْبَى} أعني {وَالصَّابِرِينَ}، لئلا تفصل بين المعطوف والمعطوف عليه الذي هو في حكم الصلة بالأجنبي وهم {وَالْمُوفُونَ}، وذلك أنه لا يجوز العطف على الموصول حتى ينقضي بصلته، لو قلت: جاءني الذي أبوه وعمرو منطلق، لَمْ يجز؛ لأنك قد عطفتَ على الاسم الموصول قبل تمامه، وَصِحَّةُ المسألة أن تقول: جاءني الذي أبوه منطلق وعمرو، فإذا عطفت {وَالصَّابِرِينَ} على ذوي القربى كان من تمام الموصول، ولا يجوز الفصل بينه وبين الموصول بالمعطوف على الموصول، وكذلك إن قَدَّرتَ {وَالْمُوفُونَ} خبر مبتدأ محذوف؛ لأنك تفصل بين الصلة والموصول بالجملة، فكما لا يُفصَل بالمفرد المعطوف على الموصول كذلك لا يفصل بالجملة فاعرفه.
فإن عطفتَ {وَالْمُوفُونَ} على المستكن في {آمَنَ}، وجعلت طول الكلام سادًّا مسدَّ التوكيد، جاز أن تنصب الصابرين على العطف على {ذَوِي الْقُرْبَى}؛ لأنَّ {وَالْمُوفُونَ} على هذا الوجه داخل في صلة (مَن) وعلى المدح، وهو أحسنُ؛ لأنَّ الشيخ أبا على أَبَى العطف على {ذَوِي الْقُرْبَى}، وقال: ليس المعنَى عليه، إذ ليس المراد أن البِرَّ بِرُّ من آمن بالله هو والموفون، أي: آمنا جميعًا، كما تقول: الشجاع من أقدم هو وعمرو، وإنما الواقع بعد قوله: {مَنْ آمَنَ} تعداد لأفعال من آمن وأوصافهم (?).
وقرئ في غير المشهور: (والصابرون) (?)