وقوله: {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} الجملة في موضع الصفة لقوله: {طِبَاقًا}. وأصلها، ما ترى فيهن من تفاوت، فوضع مكان الضمير، قاله الزمخشري (?). والخلق مصدر بمعنى المخلوق.

وقرئ: (من تفاوت) بألف مع تخفيف الواو (?)، وهو مصدر تفاوتَ تفاوتًا، كتعاهد تعاهدًا، و (مِن تَفَوُّتٍ) بتشديد الواو من غير ألف (?)، وهو مصدر تَفَوَّتَ تَفَوُّتًا، كَتَعَقَدَ تَعَهُّدًا، لغتان بمعنى.

وقوله: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} انتصاب {كَرَّتَيْنِ} كما على المصدر، كأنه قيل: رجعتين. واختلف في {كَرَّتَيْنِ}:

فقيل: لَمْ يرد اثنتين، وإنما أراد أن يكرر النظر إليها مرارًا، كما تقول: قد قلت ذلك لك مرّة بعد مرّة، وإنما قلته مرارًا كثيرة، وهو الوجه بشهادة قوله: {وَهُوَ حَسِيرٌ} إذ قد عُلم أنه بكرتين اثنتين لا يصير حسيرًا، وإنما يصير حسيرًا بمرار كثيرة، وقد شبه هذا بقولهم: لبيك وسعديك، يريدون إجابات كثيرة، أي: إلبابًا بعد إلبابٍ، وإسعادًا بعد إسعاد (?).

وقيل: أراد: كَرِّر النظر مرتين مع الأولى. وقيل: كرتين سوى الأولى. وقيل: أراد انظر إليها فارجع البصر، فهاتان كرتان، ثم ارجع البصر كرتين أخريين، فهذه أربع كَرَّات.

وقوله: {يَنْقَلِبْ} مجزوم على جواب شرط محذوف. {خَاسِئًا} حال من {الْبَصَرُ}، وهو فاعل إما على بابه، أي: صاغرًا، أو بمعنى مفعول، أي: مبعدًا، يقال: خَسَأ الكلب وخسأته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015