وقوله: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} عطف أيضًا على {أَلَّا تَزِرُ} على معنى: أن المذكورات كلها في الصحف، و {يُرَى} خبر {وَأَنَّ} وهو من رؤية العين، وفيه ضمير يعود على اسمها وهو السعي.
والقرّاء على ضم الياء وهو الوجه، لأجل العائد من خبر {أَنَّ} على اسمها، وأجاز أبو إسحاق (?): (سوف يَرى) بفتح الياء على إضمار الهاء، أي: سوف يراه، وفي الكلام حذف مضاف، أي: سوف يرى جزاءه، لا بد من هذا التقدير، لأنَّ سعيه حركاتُه وعملُه، وذلك قد انقضى.
وأجازه المبرد أيضًا، أعني فتح الياء، وقال: لأن عمل {أَنَّ} في {سَعْيَهُ} يدل على الهاء المحذوفة من (يرى) (?) ومنعه أهل الكوفة، وقالوا: لأنَّ {سَعْيَهُ} يصير معمول {أَنَّ} و (يرى)، ولم يجيزوا: إنَّ زَيْدًا ضَربْتُ، لأنه لا يعمل في زيد عاملان، وأجازه البصريون على إضمار الهاء، أي: ضربته (?).
وقوله: {ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} (جزى) فعل يتعدى إلى مفعولين، بشهادة قوله جل ذكره: {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (?)، فعداه إلى مفعولين كما ترى. وأحد المفعولين هو القائم مقام الفاعل، والثاني: الهاء، والتقدير: ثم يُجزى الإنسانُ سَعْيَهُ، أي: جزاء سَعْيِهِ، فحذف المضاف، والمضاف إليه على هذا هو المفعول الثاني لأمرين:
أحدهما: أنه قد وُصف بالأوفى، وذلك من صفة المجزيّ به لا من صفة الفعل، تسميةً للمفعول بالمصدر، كضَرْبِ الأمير، وصَيْدِ الصائدِ.