وإذا كان كذلك لم يجز ارتفاع قوله: (هجوعهم) أو {مَا يَهْجَعُونَ} فيه بـ {قَلِيلًا}. ومنع ذلك الشيخ أبو علي رحمه الله من وجه آخر، وقال: لأن القلة ليست بصفة للهجوع، وإنما القلة لليل ومنه، انتهى كلامه.

بل الوجه ارتفاعه على البدل من اسم كان، وهو بدل الاشتمال، والتقدير: كانوا هجوعهم قليلًا من الليل، [والمعنى: كان هجوعهم قليلًا من الليل] (?)، وقوله: {مِنَ اللَّيْلِ} على هذا لا يجوز أن يكون من صلة قوله: {يَهْجَعُونَ}، لأن ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه، بل من صلة محذوف دل عليه {يَهْجَعُونَ}.

وقد أجاز يعقوب بن إسحق الحضرمى (?) وغيره أن تكون (ما) نافية، ويكون {قَلِيلًا} خبر كان، وقد تم الكلام عنده، والتقدير: كانوا أناسًا قليلًا. والمعنى على هذا: أنهم لا يهجعون بحال، وهذا حسن جيد من جهة المعنى، وأما من جهة الإعراب فلا، لأن (ما) النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، فيبقى {مِنَ اللَّيْلِ} متعلقًا بغير شيء، ولذلك أجازت النحاة: الخبزَ لم آكلْ، ولم تجز: الخبزَ ما أكلتُ، لأنَّ (ما كان) في حيز النفي لا يتقدم عليه (?).

{وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (23)}:

قوله عز وجل: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ} إن جعلتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015