وقوله: {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ ... } الآية، حذفت المفاعيل مع ما أهلكوا به للعلم بها، والتقدير: كذبت قبلهم قومُ نوحٍ نوحًا أو الرسل، بشهادة قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} (?) فأُهلكوا بالطوفان، وعادٌ هودًا أو الرسل فأُهلكوا بالريح، وفرعونُ موسى فأُهلك ومن معه بالغرق، وثمودُ صالحًا فأُهلكوا بالصيحة، وقومُ لوطٍ لوطًا فأُهلكوا بالخسف، وقومُ شعيبٍ شعيبًا فأُهلكوا بعذاب يوم الظُلَّةِ (?). وقد ذكرت فيما سلف من الكتاب: أن التاء إنما أدخلت في كذبت لأن القوم جماعة، فأنث الفعل لتأنيث الجماعة (?).
وقد جوز بعض المعربين الوقوف على نوح، على أن يكون {وَعَادٌ} مبتدأ، وما بعدها عطف عليها، والخبر {أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ}، وعلى عاد وعلى لوط على التأويل المذكور آنفًا (?)، وهو من التعسف، والوجه ما ذكرت، وهو أن يكون الكل عطفًا على قوله: {قَوْمُ نُوحٍ}، وأن يكون {أُولَئِكَ الْأَحْزَابُ} مستأنفًا عاريًا عن المحل، فاعرفه.
{وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15) وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ (16)}:
قوله عز وجل: {مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ} الفَوَاقُ والفُوَاقُ بفتح الفاء وضمها، وقد قرئ بهما (?): ما بين حلبتي الحالب من الوقت، لأنها تُحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لِتَدُرَّ ثم تُحْلَبُ، يقال: ما أقام عنده إلا فواقًا، أي: