فصلًا لأن المضارع يشبه الاسم، ولو كان مكان {يَفْصِلُ} فَصَلَ ما جاز أن يكون فصلًا، وقد مضى الكلام على "الفصل" فيما سلف من الكتاب بأشبع ما يكون، فأغنى ذلك عن الإِعادة هنا (?).
{أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26)}:
قوله عز وجل: {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ} في فاعل الفعل وجهان:
أحدهما: ضمير اسم الله جل ذكره، تعضده قراءة من قرأ: (أو لم نهد لهم) بالنون (?).
والثاني: ما دل عليه {كَمْ أَهْلَكْنَا}، أي: أو لم يهد لهم كثرة إهلاكنا القرون الماضية، وقيل التقدير: أو لم يهد لهم الهدى. وقد مضى الكلام على هذا في سورة "طه" (?).
وعن الفراء: أن فاعله هو {كَمْ} (?)، وهو خطأ عند أصحابنا لأن (كم) لا تقع فاعلة خبريةً كانت أو استفهامية، لأن لها صدر الكلام، و {كَمْ} في موضع نصب بأهلكنا، والضمير في {لَهُمْ} لأهل مكة.
وقوله: {يَمْشُونَ} في موضع الحال من الهاء والميم في {لَهُمْ}، أو من القرون المهلكين، والعامل فيها على الوجه الأول: {يَهْدِ}، وعلى الثاني: إهلاكنا، والتقدير والمعنى على الوجهين: أو لم يهد لهم كثرة