كقولك: سمعت زيدًا يقول كذا، ولو قلت: سمعت زيدًا - ساكتًا عليه - لم يجز، لأنه لا يفيد، وكذا لو قلت: سمعت زيدًا يقتل، لم يجز، لأن القتل ليس مما يسمع، ولا يجوز أن يكون {يَذْكُرُهُمْ} هو المفعول الثاني كما زعم بعضهم (?) لأن قوله: {يَذْكُرُهُمْ} جملة من فعل وفاعل، والجملة لا تقع مفعولة إلا في باب العوامل الداخلة على المبتدأ والخبر، وهي كان وأخواتها، وظننت وأخواتها، فإن قلت: فأين المفعول الثاني هنا؟ قلت: قد سدت الصفة مسده، كقولك: سمعت زيدًا يقول كذا، والمعنى: سمعت قوله، فكما سدت الحال هنا مسدّه كما في الآية، سدت الصفة مسده، لأجل أنك إذا سمعته في حال القول، فقد سمعت القول، وكذا إذا سمعت [شخصًا] ذاكرًا، فقد سمعت الذكر، ويقال: صفة أيضًا بعد صفة.
واختلف في ارتفاع قوله: {إِبْرَاهِيمُ}، فقيل: هو خبر مبتدأ محذوف، أي: هو إبراهيم، والجملة محكية. وقيل: هو منادى مفرد، فضمته على هذا ضمة بناء. وقيل: هو فاعل {يُقَالُ} (?)، إذ المراد الاسم لا المسمى، والمراد: فلعله فعل ذلك (?).
وقوله: {فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ} (على أعين الناس) في موضع نصب على الحال من الضمير في {بِهِ}، أي: فأتوا بإبراهيم معاينًا ومشاهدًا، أي: بمرأىً من الخلق حيث تقع عيونهم عليه. {لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ} ما يفعل به من العقوبة فَيَنْكُلُ غيره عن مثل ما فَعَلَ هو. أو لعلهم يشهدون عليه إذا اعترف بما فعل، فيكون ذلك حجة عليه، عن الحسن وغيره (?).