وقوله: {وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي} محل الكاف النصب على أنه نعت لمصدر محذوف، وفي الكلام حذف تقديره: سولت لي نفسي أن أفعل فعلًا مثل ذلك الفعل الذي وصف قبله.
{قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)}:
قوله عز وجل: {لَا مِسَاسَ} الجمهور على كسر الميم وفتح السين وهو مصدر مَاسَسْتُه مِسَاسًا، كضَارَبْتُه ضِرَابًا، والمعنى: لا مماسّة، أي: لا يمسّ بعضنا بعضًا، وهو منصوب على التَّبْرِيَةِ، كقولك: لَا رَجُلَ في الدار، وقرئ: (لا مَسَاسِ) بفتح الميم وكسر السين بوزن قَطَامِ (?)، وفيه وجهان:
أحدهما: اسم للفعل، كنزالِ ودراكِ.
قال أبو إسحاق: وهو نفي قولك: مساس مساس (?).
قال أبو الفتح: فإن قال قائل: فأنت لا تقول: مساس بمعنى امسس، فيا ليت شعري ما الذي نفيت (?)؟ فالجواب: أنه يقدر تقدير الأمر، كأنه استعمل في الأمر مساس، فنفي على تصور الحكاية والقول وإن لم يستعمل كقولك، أي: لا أقول مساس، لا بد من تقدير الحكاية، ألا ترى أنك لا تقول: لا أضرب، فتنفي بلا لفظ الأمر، لتنافي اجتماع لفظ الأمر والنهي،