وقوله: {ذَلِكَ خَيْرٌ} أي: الإيفاء خير من البخْسِ. و {وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} نصب على التمييز، والتأويل: مصير الشيء وعاقبته، من آلَ يؤولُ، إذا رجع؛ لأنه يؤول إليه آخره.
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)}:
قوله عز وجل: {وَلَا تَقْفُ} القَفْوُ: التَّتَبُّعُ، يُقَالُ: قَفَوْتُ أَثَرَهُ أَقْفُوهُ قَفْوًا، إذا اتَّبَعْتَه، وقرئ: (ولا تَقُفْ) بضم القاف وإسكان الفاء كتَقُمْ (?)، وماضيه قافَ يقُوفُ [قيافة] كقام يقوم قيامة، إذا تَتَبَّعَ أيضًا، ومنه القَافَةُ. وقد أجاز أبو إسحاق أن يكون مقلوبًا من قفا يقفو، لأن المعنى واحد (?).
وقوله: {كُلُّ أُولَئِكَ} رفع بالابتداء، والإِشارة في {أُولَئِكَ} إلى السمع والبصر والفؤاد، وهي لا تعقل، لأن (أولئك) كما تكون إشارة إلى العقلاء تكون إشارة إلى غيرهم، كقوله:
393 - ذُمَّ المَنَازِلَ بَعْدَ مَنْزِلةِ اللِّوَى ... والعَيْشَ بَعْدَ أولئك الأَيَّامِ (?)
والخبر (كان) وما اتصل بها، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: كل أفعال أولئك كان عنه مسؤولًا, لأنه لا يُسْأل عن الجوارح، وإنما يُسْأل عن أَفْعَالِهَا، هذا هو الوجه والتحقيق فاعرف، فإنه قول الشيخ أبي علي - رحمه الله -، ولك أن تجعلها مسؤولةً على وجه المجاز.