قوله عز وجل: {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} (من عنده) من صلة (أتاني)، ولك أن تجعله صفة لرحمة.

وقوله: (فَعَمِيَتْ) (?) الفاء جواب الشرط، ومعنى عَمِيَتْ: خفيت، والمنوي فيه للرحمة، أي: خفيت عليكم نبوتي؛ لأن الله تعالى منعكم عِلْمَها، وحَرَمَكُم التوفيق لعرفانها وفهمها، لما أصررتم عليه من العناد والكفر.

وقد جوز الشيخ أبو علي رحمه اللهُ أن يكون من المقلوب، أي: عميتم عنها؛ لأن الرحمة لا تعمى وإنَّما يُعمى عنها، فيكون هذا كقولهم: أدخلت القلنسوة في رأسي، وما أشبه هذا مما يقلب إذا لم يكن فيه لبس (?).

وقرئ: (فعُمِّيت) بضم العين وتشديد الميم (?)، بمعنى أُخْفِيَتْ عليكم عقوبة لكم، أي: عماها الله عليكم، ويعضد هذه القراءة قراءة من قرأ: (فعمَّاها عليكم) وهما أُبي - رضي الله عنه - والأعمش (?).

قال أهل التأويل: وحقيقة هذا أن الحجة كما جعلت بصيرة ومبصرة جعلت عمياء؛ لأن الأعمى لا يهتدي ولا يهدِي غيره، والمعنى: فعميت عليكم البينة فلم تهدكم، كما لو عمي على القوم دليلهم في المفازة بقوا بغير هاد (?).

وقوله: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا} الهمزة للاستفهام ومعناه النفي، أي: لا نلزمكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015