{مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} أي: من حين بني، والتقدير عند بعض النحاة: من تأسيس أول يوم؛ لأنهم يرون أن (مِن) لا تدخل على الزمان، وإنما ذلك لمنذ ومذ. ولعمري هذا هو الأكثر، أعني اختصاص مذ ومنذ بالزمان، ودخول (من) في الزمان أيضًا جائز؛ لأنَّها أصل في ابتداء الغاية والتبعيض، بشهادة قوله عزَّ وجلَّ: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ} (?) في غير موضع من التنزيل.
ولا مقال أن المراد بذلك الزمان، أيضًا فإن التأسيس المقدر ليس بمكان حتى يكون (مِن) لابتداء غايته، وإنما هو إحكام أُسِّ البناء وهو أصله، وقد جاء:
269 - ...................... ... أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومِن دَهْرِ (?)
كما ترى، ومنهم من أَوَّل هذا بتقدير: من مَرِّ حِجَجٍ، ومن مَرّ دَهْر (?). والوجه ما ذكرت، وهو أن دخول (مِن) على الزمان جائز، وهو قول أبي إسحاق وغيره (?).
وقوله: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ} خبر المبتدأ، أي: بأن تقوم فيه، أي: أحق بالقيام فيه.
وقوله: {فِيهِ رِجَالٌ} يعني في المسجد المؤسَّس على التقوى. واختلف في محل هذه الجملة على ثلاثة أوجه: