فإن قلت: الجملة إذًا وقعت خبرًا للمبتدأ فلا بد من ذكرٍ يرجع منها إليه، فأين الذكر هنا؟ قلت: محذوف تقديره: لغفور لهم رحيم بهم، فحذف للعلم به.
{وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)}:
قوله عز وجل: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ} أي: سكن، وفيه وجهان:
أحدهما: شبه سكون الغضب بسكوت الناطق من حيث كان فورةً كالنطق، وسكونه كالسكوت.
والثاني: أنه من المقلوب، والمعنى: ولما سكت موسى عن الغضب، كقولهم أدخلت القلنسوة في رأسي، والمعنى: أدخلت رأسي في القلنسوة. قال أبو إسحاق: والقول الأول الذي معناه سكن هو قول أهل العربية (?).
وقرئ: (ولما سُكِّتَ) بتضعيف العين، و (أُسْكِتَ) بزيادة همزة قبل الفاء (?)، لأجل تعدي الفعل، وفي فاعل الفعل وجهان:
أحدهما: الله جل ذكره.
والثاني: أخوه باعتذاره إليه.
وقوله: {وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ} ابتداء وخبر في محل النصب على الحال من {الْأَلْوَاحَ}. ومعنى {وَفِي نُسْخَتِهَا}: أي وفيما نسخ منها بعد ذهاب ما ذهب، أي: كُتب، وإنما سمي نسخة؛ لأنها انتسخت من أصل، فهي فُعْلَةٌ بمعنى مفعول، كالخطبة.