للذين آمنوا على طريق الأصالة، وأن الكفرة تَبَعٌ لهم، كقوله: {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ} (?).
أو على أنها هي الخبر للمبتدأ الذي هو {هِيَ}، فعلى هذا يكون {لِلَّذِينَ} من صلة خالصة ولا ذكر فيه، كأنه قيل: هي خالصة للذين آمنوا في يوم القيامة، بمعنى: تخلص لهم في ذلك اليوم، ولم يمتنع تعلق الظرفين بـ {خَالِصَةً} أعني {لِلَّذِينَ} و {يَوْمَ الْقِيَامَةِ}؛ لأن الأول تبيين للخلوص، والثاني ظرف محض، والظرفان إذا اختلفا جاز تعلقهما بعامل واحد.
وقرئ: (خالصةً) بالنصب (?)، على الحال من المستكن في الظرف الذي هو (للذين آمنوا) العائد إلى المبتدأ الذي هو {هِيَ}، والعامل فيها الظرف نفسه، أي: هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا في حال خلوصها لهم يوم القيامة.
قال أبو علي: قال سيبويه: وقد قرؤوا هذا الحرف على وجهين:
{قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} بالرفع والنصب، فجعل اللام الجارة لغوًا في قول من رفع (خالصة)، ومستقرًا في قول من نصب (خالصة) انتهى كلامه (?).
يعني جعل خبر المبتدأ الذي هو {هِيَ}، (خالصة) على قول من رفع، و {لِلَّذِينَ آمَنُوا} على قول من نصب، وقد ذكرت أن قوله: {فِي الْحَيَاةِ} متعلق بـ {آمَنُوا}، ولك أن تجعله خبرًا ثانيًا للمبتدأ الذي هو {هِيَ}؛ لأن المبتدأ يكون له خبران فصاعدًا كقوله: {وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ