فإن قلت: لم جاء هنا بغير العاطف، وفي "يس" {سَوَاءٌ} (?) مع العاطف؟ قلت: قيل: لأن ما في "يس" مع ما بعده جملة معطوفة على جملة أخرى، فاحتاجت إلى العاطف، والجملة هنا ليست بمعطوفة، فهي من العطف بمعزل.
وسواء: اسم مشتق من التساوي، وهو بمعنى الاستواء، تقول: استوى الشيء إذا اعتدل استواءً (?)، قال:
37 - وقيلٍ يقولُ الناسُ من ظلُماتِهِ ... سواءٌ صَحِيحَاتُ العيونِ وعُورُها (?)
والاسم: السواء، وُصف به كما يوصف بالمصادر، ومنه قوله تعالى: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} (?)، وقوله: {فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} (?) بمعنى مستوية، ولكونه بمعنى الاستواء لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع، والهمزة فيه منقلبة عن ياء؛ لأجل أن باب (طَوَيْتُ) أكثرُ من باب قُوَّة، فَحُمِلَ على الأكثر.
قال أبو علي: {أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه الخبر، ومثل ذلك قولهم: ما أبالي أشهدتَ أم غِبتَ؟ وما أدري أَأَقْبلتَ أم أدبرتَ؟ وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام وإن كان خبرًا، لأن فيه التسوية التي