والهاء بدل من الياء، ولذلك كسرت الذال، إذ ليس في كلام القوم هاء تأنيث قبلها كسرة. قال أبو الفتح: يدل على أن الياء الأصل قولهم في المذكر: ذا، فالألف في ذا بدل من الياء في ذي، وأصل ذا عندنا: ذَيْ، وهو من مضاعف الياء مثل: حيٍّ، فحذفت الياء الثانية التي هي لامٌ تخفيفًا فبقي ذي، قال لي أبو علي: فكرهوا أن يشبه آخره آخر كي وأي، فأبدلوها ألفًا كما أبدلت في ياءَس ويايَس، ويدل على أن أصل (ذا) ذيٌّ وأنه ثلاثي: جواز تحقيره في قولك: ذَيّا، ولو كان ثنائيًا لما جاز تحقيره، كما لا تحقر (ما) و (من). فأما الياء اللاحقة بعد الهاء في قوله: {هَذِهِ سَبِيلِي} (?) ونحوه، فزائدة لحقت بعد الهاء تشبيهًا لها بهاء الإِضمار في نحو: مررت به، ووجه الشبه بينهما أن كل واحد من الاسمين معرفة مبهمة لا يجوز تنكيره، انتهى كلامه (?).
[فإن قلت: ما محل {فَتَكُونَا} من الإعراب؟ قلت: فيه وجهان:
أحدهما: النصب على جواب (لا) بالفاء، على معنى: فإنكما إن قربتماها كنتما من الظالمين.
والثاني: الجزم عطفًا على {وَلَا تَقْرَبَا}، على معنى: ولا تقربا فلا تكونا من الظالمين، وقد ذكر في "البقرة" (?)].
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20)}:
قوله عز وجل: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا} قيل: يقال: وسوس، إذا تكلم كلامًا