تقدم على تقدير: إذا كان أنزل إليك لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه. والنهي في اللفظ للحرج، وفي المعنى للمخاطب، كقولهم: لا أرينك ها هنا.
والحرج: الضيق وهو أصله، يقال: حَرِجَ صدرُه يَحْرَجُ حَرَجًا، إذا ضاق. والمعنى: لا يضيق صدرك من تبليغه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخاف قومه وتكذيبهم وإعراضهم عنه وأذاهم على ما فسر (?).
فكان يضيق صدره من الإِيذاء ولا ينبسط له، فأمَّنه الله ونهاه عن المبالاة بهم. وقيل: الحرج هنا: الشك، عن ابن عباس - رضي الله عنه - وغيره (?).
والمعنى: لا تشك في أنه منزل من الله، فالخطاب له عليه الصلاة والسلام والمراد به أمته، كقوله: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} (?).
قال أهل التأويل: وسمي الشك حرجًا؛ لأن الشاك ضيق الصدر حرجه، كما أن المتيقن منشرح الصدر منفسحه (?).
و{مِنْهُ}: في موضع الصفة للحرج، والضمير في {مِنْهُ} للكتاب، وقيل: للإِنذار أو للتكذيب، دل عليه المعنى (?).
وقوله: {لِتُنْذِرَ بِهِ} يحتمل أن يكون متعلقًا بأنزل وفي الكلام تقديم وتأخير، كأنه قيل: كتاب أنزل إليك لتنذر به. وأن يكون متعلقًا بالنهي؛ لأنه إذا لم يُخِفْهُم أنذرهم، والضمير في {بِهِ} للكتاب.