والثاني: هو جمع قَبيلٍ الذي يراد به الكفيلُ، كقليب وقُلُبٍ، ونصبه على الحال من المفعول به في كلا المعنيين وهو {كُلَّ شَيْءٍ}، والذي جَوَّزَ ذلك - وإن كان نكرة - العمومُ الذي فيه. والمعنى: حشرنا كُلَّ شيءٍ جماعاتٍ؛ لأن حَشْر جميع الأشياء في مكان واحد من أعظم الآيات، أو حشرناه كُفَلاءَ بصحةِ ما بشرناه به وأنذرنا؛ لأن في الأشياء المحشورة ما لا ينطق، فيكون نطقُه بالكفالة من أعظم البراهين، وكلاهما هنا يحتمل، وكذلك إنْ جعلته مفردًا كان منصوبًا على الحال، أي: مُقابلًا.
قال أبو علي: قال أبو زيد: يقال: لقيت فلانًا قِبَلًا، ومُقابَلَةً، وَقَبَلًا، وقُبُلًا، وَقَبَلِيًّا وقَبِيْلًا، أي: مواجهة (?).
وقرئ: (قُبْلًا) بإسكان الباء (?)، وهو مخفف من قُبُلٍ جمعًا كان أو مفردًا.
وقرئ: (قِبَلًا) بكسر القاف وفتح الباء (?)، وفي انتصابه وجهان:
أحدهما: حال أيضًا من {كُلَّ} بمعنى عِيَانًا، أو معاينة، فهو مصدر في موضع الحال، قال أبو علي: كأنهم من شدة عِنادهم وتركهم الإِذعان والانقياد للحق يشكُّون في المشاهدات التي لا شك فيها (?).
والثاني: ظرف، ومعنى قوله: (قِبَلًا) على هذا، أي: ناحيةٌ، كما تقول: لي قِبَلَهُ حقٌ، أي: عنده وناحيته، وهذا تأويل المبرد.