مَن رفعهما: يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون عَطَفَهُما على قوله: {نُرَدُّ} على معنى: أنهم تمنوا ثلاثة أشياء: الردَّ إلى الدنيا، وعدم التكذيب، والكونَ من المؤمنين.
والثاني: أن يكون رفعهما على الاستئناف، على أن تمنيهم قد تم عند قوله: {نُرَدُّ}، كأنهم قالوا: ونحن لا نكذب، ونؤمن على وجه الإِثبات، وشَبَّهَهُ صاحب الكتاب رحمه الله بقولهم: دَعْني ولا أعودُ، بمعنى دعني وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني (?)، [ويعضده {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (?)، لأن المتمني لا يكون كاذبًا، فدل تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنوه] (?).
ولك أن تجعل الجملة في محل النصب على الحال من المستكن في {نُرَدُّ} على معنى: يا ليتنا نرد غير مكذبين وكائنين من المؤمنين، فكلا الفعلين على هذا داخل تحت حكم التمني كالوجه الأول.
ومن رفع الأول ونصب الثاني عطف الأول على {نُرَدُّ}، أو جعله حالًا من المستكن فيه، ونصب الثاني على جواب التمني.
ومن نصبهما فبإضمار أن على جواب التمني أيضًا، على معنى: ليت ردَّنا وقع وأن لا نكذبَ، وأن نكونَ من المؤمنين، أي: إن رُددنا لم نكذب ونكن من المؤمنين، والواو في هذا كالفاء.
فإن قلت: قد ذكرتَ في قراءة من رفعهما على أحد الأوجه أن تمنيهم قد تَمَّ عند قوله: {نُرَدُّ}، واستدللت عليه بقوله جل ذكره: {وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} قائلًا: لأن المتمني لا يكون كاذبًا فدل تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم