قوله عز وجل: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} (جعل) هنا بمعنى صير، كقوله: {وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} (?). و {الْكَعْبَةَ} المفعول الأول، و {قِيَامًا} الثاني. و {الْبَيْتَ الْحَرَامَ} بدل من {الْكَعْبَةَ}، وقيل: عطف بيان لها على جهة المدح والثناء لا على جهة التوضيح والبيان، كما تجيء الصفة كذلك، وهي صفات البارئ جلت قدرته؛ لأن اسمه تعالى غيرُ مشترك.
وقيل: {جَعَلَ} هنا بمعنى خلق، كقوله: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (?)، فـ {قِيَامًا} على هذا يكون حالًا من {الْكَعْبَةَ} (?).
وقرئ: (قِيامًا) بالألف (?)، وهو مصدر قام، كالصيام في مصدر صام، وأُعِلّ كما أعِلّ فعله.
ومعنى قيامًا للناس: أي سببًا وانتعاشًا لهم. [في أمر دينهم ودنياهم، ونهوضًا إلى أغراضهم ومقاصدهم في معاشهم ومعادهم لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وتجارتهم وأنواع منافعهم] (?).
وقرئ: (قِيَمًا) بغير ألف (?)، وهو محذوف من قيام، كخِيَمٍ في خيام.
{وَالشَّهْرَ} {وَالْهَدْيَ} {وَالْقَلَائِدَ}: عطف على الكعبة.
وقوله: {ذَلِكَ} محل (ذلك) الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الحكم الذي ذكرناه ذلك مِن جعل الكعبة قيامًا للناس، أو ما ذكر من حفظ حرمة الإِحرام بترك الصيد وغيره، أو النصب على إضمار فعل، أي: ذكرنا ذلك، أو بيناه، أو جعلناه كذلك.