الْآيَات وَهَذِه الْآيَات فِي تَفْضِيل الْفُقَرَاء وَسبب نُزُولهَا أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أول من آمن بِهِ الْفُقَرَاء وَكَذَلِكَ كل نَبِي أرسل أول من آمن بِهِ الْفُقَرَاء فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يجلس مَعَ فُقَرَاء أَصْحَابه مثل سلمَان وصهيب وبلال وعمار بن يَاسر رَضِي الله عَنْهُم فَأَرَادَ الْمُشْركُونَ أَن يحتالوا عَلَيْهِ فِي طرد الْفُقَرَاء لما سمعُوا أَن عَلامَة الرُّسُل أَن يكون أول أتباعهم الْفُقَرَاء فجَاء بعض رُؤَسَاء الْمُشْركين فَقَالُوا يَا مُحَمَّد اطرد الْفُقَرَاء عَنْك فَإِن نفوسنا تأنف أَن تجالسهم فَلَو طردتهم عَنْك لآمن بك أشرف النَّاس ورؤساؤهم فَأنْزل الله تَعَالَى {وَلَا تطرد الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه} فَلَمَّا أيس الْمُشْركُونَ من طردهم قَالُوا يَا مُحَمَّد إِن لم تطردهم فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا وَلَهُم يَوْمًا فَأنْزل الله تَعَالَى {واصبر نَفسك مَعَ الَّذين يدعونَ رَبهم بِالْغَدَاةِ والعشي يُرِيدُونَ وَجهه وَلَا تعد عَيْنَاك عَنْهُم تُرِيدُ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا} أَي لَا تتعداهم وَلَا تتجاوز بنظرك رَغْبَة عَنْهُم وطلبا لصحبة أَبنَاء الدُّنْيَا {وَقل الْحق من ربكُم فَمن شَاءَ فليؤمن وَمن شَاءَ فليكفر} ثمَّ ضرب لَهُم مثل الْغَنِيّ وَالْفَقِير بقوله {وَاضْرِبْ لَهُم مثلاً رجلَيْنِ} {وَاضْرِبْ لَهُم مثل الْحَيَاة الدُّنْيَا} فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يعظم الْفُقَرَاء ويكرمهم وَلما هَاجر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الْمَدِينَة هَاجرُوا مَعَه فَكَانُوا فِي صفة الْمَسْجِد مقيمين متبتلين فسموا أَصْحَاب الصفة فَكَانَ ينتمي إِلَيْهِم من يُهَاجر من الْفُقَرَاء