الكبائر للذهبي (صفحة 127)

قَالَ الْعلمَاء فالراشي هُوَ الَّذِي يُعْطي الرِّشْوَة والمرتشي هُوَ الَّذِي يَأْخُذ الرِّشْوَة وَإِنَّمَا تلْحق اللَّعْنَة الراشي إِذا قصد بهَا أذية مُسلم أَو ينَال بهَا مَا لَا يسْتَحق أما إِذا أعْطى ليتوصل إِلَى حق لَهُ وَيدْفَع عَن نَفسه ظلماً فَإِنَّهُ غير دَاخل فِي اللَّعْنَة وَأما الْحَاكِم فالرشوة عَلَيْهِ حرَام أبطل بهَا حَقًا أَو دفع بهَا ظلماً وَقد رُوِيَ فِي حَدِيث آخر إِن اللَّعْنَة على الرائش أَيْضا وَهُوَ السَّاعِي بَينهمَا وَهُوَ تَابع للراشي فِي قَصده خيراً لم تلْحقهُ اللَّعْنَة وَإِلَّا لحقته

فصل

وَمن ذَلِك مَا روى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من شفع لرجل شَفَاعَة فأهدى لَهُ عَلَيْهَا هَدِيَّة فقد أَتَى بَابا كَبِيرا من أَبْوَاب الرِّبَا وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ السُّحت أَن تطلب لأخيك الْحَاجة فتقضى فيهدي إِلَيْك هَدِيَّة فتقبلها مِنْهُ وَعَن مَسْرُوق أَنه كلم ابْن زِيَاد فِي مظْلمَة فَردهَا فأهدى إِلَيْهِ صَاحب الْمظْلمَة وصيفاً فَردهَا وَلم يقبلهَا وَقَالَ سَمِعت ابْن مَسْعُود يَقُول من رد عَن مُسلم مظْلمَة فَأعْطَاهُ على ذَلِك قَلِيلا أَو كثيراً فَهُوَ سحت فَقَالَ الرجل يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن مَا كُنَّا نظن أَن السُّحت إِلَّا الرِّشْوَة فِي الحكم فَقَالَ ذَلِك كفر نَعُوذ الله مِنْهُ ونسأل الله الْعَفو والعافية من كل بلَاء ومكروه

الْحِكَايَة

عَن الإِمَام أبي عمر الْأَوْزَاعِيّ رَحمَه الله وَكَانَ يسكن ببيروت أَن نَصْرَانِيّا جَاءَ إِلَيْهِ فَقَالَ إِن وَالِي بعلبك ظَلَمَنِي بمظلمة وَأُرِيد أَن تكْتب إِلَيْهِ وَأَتَاهُ بقلة عسل فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ رَحمَه الله إِن شِئْت رددت الْقلَّة وكتبت لَك إِلَيْهِ وَإِن شِئْت أخذت الْقلَّة فَكتب لَهُ إِلَى الْوَالِي أَن ضع عَن هَذَا النَّصْرَانِي من خراجه فَأخذ الْقلَّة وَالْكتاب وَمضى إِلَى الْوَالِي فَأعْطَاهُ الْكتاب فَوضع عَنهُ ثَلَاثِينَ درهماً بشفاعة الإِمَام رَحمَه الله وحشرنا فِي زمرته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015