وقال الحكمي أبو نواس:
أخي ما بال قلبك ليس ينفي ... كأنك لاتظن الموت حقاً
ألا يا أبن الذين فنوا وبادوا ... أما والله ما ذهبوا لتبقى
وما أحد بزادك منك أحظى ... وما أحد بزادك منك أشقى
ولا لك غير تقوى الله زادٌ ... إذا جعلت إلى اللهوات ترقى
ومما يستحسن من شعره قوله:
لا أذود الطير عن شجر ... قد بلوت المر من ثمرة
فمثل هذا لو تقدم لكان في صدور الأمثال، كذالك قوله أيضاً:
فامض لاتمنن عليّ يداً ... منك المعروف من كدرة
وكان يقول: ذكر المعروف من المنعم إفساد له، وكتمانه من النعم عليه كفر له، وفي الشعر أبيات مختارة، فمنها:
وإذا مجّ القنا علقا ... وتراءى الموت في صورة
راح في ثنيي مفاضته ... أسد يدمى شبا ظفره
تتأبّى الطير غدوته ... ثقة بالشبع من جزره
فاسل عن نوء تؤمله ... حسبك العباس من مطره
لا تعطّى عنه مكرمة ... بربا واد ولا خمره
ذللت تلك الفجاج له ... فهو مجتاز على بصره
وقد عابوا عليه قوله:
كيف لا يدنيك من أمل ... من رسول الله من نفره
وهو لعمري كلام مستهجن موضوع في غير موضعه، لأن حق رسول الله صلى الله وعليه وسلم أن يضاف إليه، ولا يضاف إلى غيره، ولو اتسع متسع فأجراه في باب الحيلة لخرج على الاحتيال، ولكنه عسر موضوع في غير موضعه، وباب الاحتيال فيه أن، تقول: قد يقول القائل من بني هاشم لغيره من أفناء قريش: منا رسول الله صلى الله وعليه وسلم،