قال: وحدثني محمد بن إبراهيم الهاشمي في إسناد ذكره قال: بلغ عمر بن الخطاب رحمه الله أن قوماٌ يفضلونه على أبي بكر الصديق رحمة الله، فوثب مغضباٌ حتى صعد المنبر، فحمد الله وأثنىعليه، وصلى على نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال:
أيها الناس، إني سأخبركم عني وعن أبي بكر، إنه لما توفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اردتدت العرب، ومنعت شاتها وبعيرها، فأجمع رأينا كلنا أصحاب محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن قلنا له: يا خليفة رسول الله، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقاتل العرب بالوحي والملائكة يمده الله بهم، وقد انقطع ذلك اليوم، فالزم بيتك ومسجدك، فإنه لاطاقة لك بقتال العرب. فقال أبو بكر الصديق: أو كلكم رأيه على هذا ? فقلنا: نعم فقال: والله لأن أخر من السماء فتخطفني الطير أحب إلي من أن يكون هذا رأيي ثم صعد المنبر، فحمد الله وكبره وصلى على نبيه صلى عليه وسلم، ثم أقبل على الناس فقال: أيها الناس، من كان يعبد محمداٌ فإن محمداٌ قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت. أيها الناس، أإن كثر أعداؤكم، وقل عددكم، ركب الشيطان منكم هذا المركب? والله ليظهرن الله هذا الدين على الأديان كلها ولو كره المشركون. قوله الحق، ووعده الصدق، {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} ، و {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} . والله أيها الناس، لو أفردت من جميعكم لجاهدتهم في حق جهاده حتى أبلي بنفسي