وقوله:
"ألست أرد القرن يركب ردعه"
فإنما اشتقاقه من السهم يقال: ارتدع السهم إذا رجع متأخراً، ويقال: ركب البعير ردعه إذا سقط، فدخل عنقه1 في جوفه، والكلام مشتق بعضه من بعض، ومبين بعضه بعضاً، فيقال من هذا في المثل: ذهب فلان في حاجتي فارتدع عنها، أي رجع، وكذلك: فلان لا يرتدع عن قبيح، والأصل ما ذكرت أولاً.
ومثل هذا قولهم: فلان على الدابة، وعلى الجبل، أي فوق كل واحد منهما ثم تقول: عليه دين تمثيلاً، وكذلك ركبه دين، وإنما يريد أن الدين علاه وقهره، وكذلك فلان على الكوفة إذا كان والياً عليها، وكذلك: علا فلان القوم، إذا علاهم بأمره وقهرهم، أو جعل هذا الموضوع.
وقوله:
"وفيه سنان ذو غرارين يابس"
فالغرار هنا الحد، وللغرار مواضع.
قال أبو العباس: وحدثني الرياشي في إسناد له قال: قال جبر بن حبيب وذكر الراعي: أخطأ الأعور قال: ولم يعلم الحاكي عنه أن الراعي كان أعور إلامن هذا الخبر في قوله:
فصادف سهمه أحجار قف ... كسران العير منه والغرارا 2
وجبر بن حبيب هو المخطىء، لأن الغرار ههنا هو الحد، وذهب جبر إلى أنه المثال، وقد يكون المثال، وليس ذلك بمانعه من أن يحتمل معاني، يقال: بنوا بيوتهم على غرار واحد، أي على مثال واحد، كما قال عمرو بن أحمر" الباهلي"3:
وضعن4 وكلهن على غرار ... هجان اللون قد وسقت جنينا