وقوله:" عبيطاً خرادله"، فالعبيط الطري، يقال: لحم عبيط إذا كان طرياً، وكذلك دم عبيطٌ، ويقال اعتبط فلان بكرته إذا نحرها شابةً من غير علةٍ وكذلك اعتبط فلان إذا مات شاباً، قال أمية1:

من لم يمت عبطة يمت هرما ... للموت كأس فالمرء ذائقها

وحدثني الزيادي إبراهيم بن سفيان بن سليمان بن ابي بكر بن عبد الرحمن ابن زياد.

قال تحدث رجل من الأعراب، قال: نزلت برجل من طيئ، فنحر لي ناقة فأكلت منها، فلما كان الغد نحر أخرى، فقلت: إن عندك من اللحم ما يغني ويكفي، فقال: إني والله لا أطعم ضيفي إلا لحماً عبيطاً، قال: وفعل ذلك في اليوم الثالث وفي كل ذلك آكل شيئاً، ويأكل الطائي أكل جماعةٍ ثم نؤتى باللبن فأشرب شيئاً، ويشرب عامة الوطب2، فلما كان في اليوم الثالث ارتقبت غفلته فاضطجع، فلما امتلأ نوماً استقت قطيعاً من إبله فأقبلته الفج3، فانتبه واختصر علي الطريق حتى وقف لي في مضيق منه، فألقم وتره فوق4 سهمه، ثم نادى بي: لتطب نفسك عنها قلت أرني آية، فقال. انظر إلى ذلك الضب، فإني واضع سهمي في مغرز ذنبه، فرماه فأندر ذنبه5، فقلت زدني، فقال: انظر إلى أعلى فقاره، فرماه فأثبت سهمه في الموضع، ثم قال لي: الثالثة والله في كبدك فقلت: شأنك بإبلك فقال: كلا حتى تسوقها إلى حيث كانت. قال: فلما انتهيت بها قال: فكرت فيك فلم أجد لي عندك ترة تطالبني بها، وما أحسب الذي حملك على أخذ إبلي إلا الحاجة. قال: قلت هو والله ذاك. قال: فاعمد إلى عشرين من خيارها فخذها، فقلت: إذاٌ والله لاأفعل حتى تسمع مدحك: والله ما رأيت رجلاٌ أكرم ضيافةٌ، ولا أهدى لسبيلٍ، ولا أرمى كفاٌ، ولا أوسع صدراٌ، ولا أرغب6 جوفاٌ، ولا أكرم عفواٌ منك قال: فاستحيا فصرف وجهه عني، ثم قال: انصرف بالقطيع مباركاٌ لك فيه.

وقوله: "خرادله" يعني قطعه، يقال: ضرباٌ خردله، وتأويله قطعه، كما قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015