من أخبار حارثة بن بدر الغداني

ونظير هذا الشعر ما حدثنا به في أمر حارثة بن بدرٍ الغداني، فإنا حدثنا عن حارثة بن بدر، وكان رجل بني تميم في وقته. وكان قد غلب على زيادٍ، وكان الشراب قد غلب عليه، فقيل لزيادٍ: إن هذا قد غلب عليك وهو مستهترٌ1 بالشراب، فقال زياد: كيف لي بأطراح رجلٍ هو يسايرني منذ دخلت العراق، لم يصكك ركابي ركباه، ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه، ولا تأخر عني فلويت عنقي إليه، ولا أخذ علي الشمس في شتاءٍ قط، ولا الروح في صيف قط، ولا سألته عن علم إلا ظننت أنه لم يحسن غيره. فلما مات زيادٌ جفاه عبيد الله، فقال له حارثة: أيها الأمير، ما هذا الجفاء مع معرفتك بالحال عند أبي المغيرة2 فقال له عبيد الله: إن أبا المغيرة كان قد برع بروعاً لا يلحقه معه عيب، وأنا حدثٌ، وإنما أنسب إلى من يغلب علي، وأنت رجل تديم الشراب، فمتى قربتك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يظن بي، فدع النبيذ وكن أول داخل علي وآخر خارج عني، فقال له حارثة: أنا لا أدعه لمن يملك ضري ونفعي، أفأدعه للحال عندك قال: فاختر من عملي ما شئت، قال: توليني رامهرمز3، فإنها أرض عذاةٌ4، وسرق5 فإن بها شراباً وصف لي. فولاه إياهما، فلما خرج شيعه الناس، فقال أنس بن أبي أنيس:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015